فتحت عينيها بصعوبة فلم تعتد أن تكسوا الشمس عينيها في مثل هذا الوقت من العام…هبت مسرعة تنظر في هاتفها ، كانت تشير الساعة الى السابع و الربع صباحاً…يبدوا أنها لم تسمع صوت المنبه …على أي حال يجب عليها ان تنهض فيجب ان تكون على مكتبها بحلول الثامنة فليس من الجيد ان تتأخر عن موعدها في الإسبوع الثاني من تسلمها العمل…
نظرت من النافذة المطلة بطَرَفِها على جزء قليل من حديقة سنترال بارك الشهيرة و ابتسمت قليلاً فها هو حلم الطفولة قد تحقق و التحقت بالعمل في نيويورك و في أكبر المنظمات الدولية. عادت تنظر في المرآة لتستكمل ارتداء ملابسها و أدركت انها ليست لديها ما يكفي من الوقت اليوم للاهتمام بشعرها فهو يحتاج لبعض الوقت بسبب طبيعته العنيدة، ستكتفي اليوم بربطه على هيئة ذيل حصان .
ابتسمت و هي تلملم أشيائها من طاولة قرب الباب و تذكرت وقتاً ليس ببعيد عندما كان يؤرقها مظهر شعرها و أنها لم تكن تفعل ما فعلته بشعرها اليوم دون ان يترك ذلك غَصة في نفسها ، كانت تقلق كثيراً في سنين المراهقة من مظهرها و تهتم ان تكون في افضل شكل، و لكن ظل شعرها العنيد ينغص عليها .
تذكرتهُ…لم تنسى ما قاله لها يوماً منذ حوالي عشر سنوات. كانوا يقضون إجازة قصيرة و كانت قد أمضت يومها في حوض السباحة . في المساء بينما كانوا يتأهبون للخروج للعشاء أبى شعرها ان يبدوا جميلاً في نظرها فانخرطَت في البكاء. لم يدري ماذا يمكنه أن يفعل ، ربما لا يدري كلُ الرجال ماذا يجب عليهم ان يفعلوا عندما تبكي الأنثى، اقترب منها و ضمها اليه و قال ، يقولوا انكِ تشبهيني كثيراً و ذلك الشعر العنيد هو أيضاً من عندي ، و لكن أنظري الى الجانب المشرق عندما أرحل عن الدنيا يوماً سيكون ملازماً لكي شيء يذكركِ بي…ارتمت في أحضانه يومها و استكملت البكاء و حاول هو جاهداً ان يخفي دموعه و لكنها رأتها….
ارتسمت على وجهها ابتسامة ناعمة و ملأها سكون ، امتدت يديها الى حقيبتها تبحث عن هاتفها…بدأت تكتب له رسالة، لكن سرعان ما محت ما كتبت، حولت ازرار الكتابة الي العَربية فهي تعلم انه يتذوقها أكثر من الانجليزية و كتبت جملة من كلمتين فقط….” أبي أحبك”….